بحسب رسالة موجهة إلى العملاء بتأريخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أطلعت عليها وكالة رويترز، أعلنت شركة هنكل Henkel الألمانية العملاقة للمواد الكيميائية و السلع الإستهلاكية حول فرض الصين قيوداً على صادرات (الأنتيمون) في أب/أغسطس 2024، أنها أعلنت حالة (القوة القاهرة force majeure)، و علقت تسليم أربعة أنواع من المواد اللاصقة ومواد التشحيم المُستخدمة على نطاق واسع من قبل شركات صناعة السيارات.
تستخدم شركة هنكل معدن (الانتيمون An) في تصنيع منتجاتها التي تحمل العلامة التجارية بونديرايت Bonderite وتيروسون Teroson، وهي أجزاء أساسية من قسم تقنيات المواد اللاصقة بالشركة، والتي حققت إيرادات بلغت 10.79 مليار يورو (11.4 مليار دولار) العام الماضي.

أفادت الرسالة من الشركة الالمانية للعملاء، التي أطلعت عليها وكالة رويترز، التي وقعها اثنان من كبار المسؤولين التنفيذيين، بالقول:
“لقد أخطرنا موردونا بتأخير إستيراد هذه المواد الخام في إنتظار قبول الحكومة الصينية لطلبات الترخيص“، و نتيجة لذلك، تعلن شركة هنكل عن حالة (القوة القاهرة/وصف قانوني لوضع خارج سيطرة الشركة يحميها من اي مطالبات قانونية) فيما يتعلق بتسليماتها لهذه المنتجات، وإن الشركة غير قادرة على التنبؤ بمدة هذا الوضع.
تؤكد الرسالة الصادرة عن شركة هنكل الألمانية التي أطلعت عليها الوكالة، والمحادثات من قبل الوكالة مع أكثر من عشرين تاجرًا، عمال مناجم، مُعالجين (للمعادن)، مُستخدمين نهائيين و خبراء في الصناعة في أمريكا الشمالية وأوروبا والصين، على الإضطراب الشديد الناجم عن القيود التجارية التي تفرضها الحكومة الصينية، وتسلط الضوء على كيفية معاناة اللاعبين الغربيين لإستبدال سلاسل التوريد من الصين.
قالت شركة هنكل، في إتصال لها مع وكالة رويترز بشأن الرسالة، إنها تعمل على دعم عملائها وإيجاد إمدادات بديلة، وأضافات، بأنها تراقب وضع العرض العالمي لمعدن الأنتيمون عن كثب، و تهدف إلى إستعادة الحلول لتلبية طلبات عملائها.
أرتفع سعر الانتيمون، وهو معدن نادر في طبيعته ولكنه ضروري للمعدات العسكرية مثل الذخيرة والصواريخ بالأشعة تحت الحمراء والأسلحة النووية ونظارات الرؤية الليلية، بنحو 230% هذا العام إلى نحو 39 ألف دولار للطن المتري في سوق روتردام الفورية المُزدحمة، وفقاً لمزود معلومات السوق أرغوس Argus.
الصين هي أكبر منتج للمعدن، في العالم وتهيمن على إنتاج العديد من المواد الإستراتيجية.
في العام الماضي، فرضت الصين قيوداً كذلك على صادرات الغاليوم والجرمانيوم ــ المُستخدم في أشباه الموصلات والألواح الشمسية و الأسلحة ــ فضلاً عن أنواع معينة من الغرافيت ــ وهو مكون رئيسي في بطاريات السيارات الكهربائية.
التحديد لتصدير المعادن المهمة من الصين جاء بعد حملة شديدة جديدة شنتها الولايات المُتحدة على صناعة الرقائق في الصين.
القيود التي فرضتها الحكومة الصينية تفرض ضغوطاً إضافية على اللاعبين الغَربيين في مجال الصناعة لخفض إعتمادهم على المعادن (الصينية).
على سبيل المثال، تعمل شركة التعدين بيربيتوا ريسورسز Perpetua Resources، على تطوير منجم للأنتيمون في ولاية أيداهو بتمويل من الحكومة الأميركية.
ولكن المناجم الجديدة قد تستغرق سنوات لتطويرها، مما يترك لاعبين مثل شركة هنكل يتدافعون للعثور على بدائل، والتي غالباً ما تكون أكثر تكلفة.
كتبت الشركة في رسالتها بالقول، يرجى ملاحظة أننا على إتصال وثيق بموردينا و نستخدم جميع الوسائل المعقولة تجاريًا للإستفادة من سلسلة التوريد العالمية لدينا لمعالجة هذا الوضع ودعم عملائنا.
في الوقت نفسه، بدأت بعض شركات التعدين والمعالجة الغربية في بناء قدراتها لتعويض النقص، حيث وضعت شركة United States Antimony (USAC)، وهي الشركة الوحيدة المُصنعة للمعدن في أمريكا الشمالية، خُططًا لزيادة الإنتاج في مصهرها في ولاية مونتانا، والذي كان يعمل بنسبة 50٪ من طاقته بعد أن أعلنت الصين عن قيود على صادرات الأنتيمون في أب/أغسطس 2024.
قال رئيس مجلس إدارة الشركة، غاري إيفانز Gary Evans، لوكالة رويترز:
“كان قرارنا بزيادة الإنتاج مدفوعًا بشكل أساسي بارتفاع أسعار الأنتيمون في روتردام إلى أكثر من ثلاثة أضعاف في جميع أنحاء العالم، وأن القيود التي فرضتها الصين خلقت طلبًا أكبر بكثير على منتجاتنا النهائية”.
توقف التعدين في موقع مونتانا في عام 1983، عندما كان من الأرخص الحصول على الأنتيمون من مناجم خارج الولايات المتحدة، والآن تمنع القيود البيئية الإستخراج هناك، وفقًا للشركة.
قال غاري إيفانز، إن شركة يو إس إي سي USAC، التي لا تعتمد على الصين، تجري مُحادثات لتلقي المواد من أربع دول أخرى ومورد محلي واحد في وقت مبكر من شهر كانون أول/ديسمبر 2024، و رفض التحدث عن المورد لأسباب تنافسية.
قال الرئيس التنفيذي لشركة نورثرن غرافيت Northern Graphite، التي تتخذ من أوتاوا/كندا، مقراً لها، والتي تروج لنفسها باعتبارها المُنتِج الوحيد في أمريكا الشمالية لرقائق الغرافيت الطبيعية، لوكالة رويترز، إن الطلبات في الشركة قفزت بنسبة 50٪ في أعقاب قيود الغرافيت الصينية التي أُعلن عنها في شهر تشرين أول/أكتوبر 2023.
قال Hugues Jacquemin، الذي تطور شركته مشاريع في ناميبيا/ في أفريقيا، و أونتاريو الكندية، لإضافتها إلى منجمها في لاك دي آيلز Lac des Iles، كيبيك Quebec، الكندية، لوكالة رويترز :
“عندما دخلت ضوابط التصدير حيز التنفيذ في شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، كان هناك إرتفاع كبير في الطلب، حيث بدأنا في زيادة الطاقة الإنتاجية”.
تمثل الصين أكثر من 70٪ من إمدادات الغرافيت الطبيعي المُستخرج من المناجم وتنوعه الإصطناعي.
قال مارك جينسن Mark Jensen، الرئيس التنفيذي لشركة ريليمنت تكنولوجيز ReElement Technologies، وهي ذراع تابعة لشركة أميركان ريسورسز American Resources، مُتخصصة في إعادة تدوير و تكرير المعادن النادرة، إن الحظر الأخير الذي فرضته الصين على الصادرات يعني أن الشركة تلقت هذا الأسبوع ما لا يقل عن 10 عمليات تواصل من شركات تعدين أميركية تعرض خام الزنك الذي يمكن أن يكون مصدرا للجرمانيوم أثناء المعالجة.
وقال، إن هذه الشحنات كانت تذهب في السابق إلى الصين للمعالجة نظرا لإنخفاض تكاليف العمالة والمعايير البيئية المُختلفة.
وقال لوكالة رويترز:
“كنا نتواصل مع الموردين الأميركيين لهذه المواد الخام لبيع هذه المُنتجات الثانوية، لنا، بدلا من إرسالها إلى الصين لأننا الآن بديل للصين”.
قالت شركة التعدين الكندية تيك ريسورسز Teck Resources، التي تنتج الجرمانيوم كمنتج ثانوي في منجم الزنك ريد دوغ Red Dog، في ألاسكا، وهي المورد الوحيد للمعدن في أميركا الشمالية لوكالة رويترز، إنها تدرس ما إذا كانت ستعزز إنتاج هذه المادة الحيوية هناك الآن بعد أن منعت الصين الصادرات إلى الولايات المتحدة.
وقد أدى ضغط الصادرات الصينية إلى إرتفاع أسعار العديد من المعادن الإستراتيجية.
قالت شركة نيو پيرفورمانس ماتيريالز Neo Performance Materials، التي تتخذ من تورنتو/كندا، مقراً لها، والتي تنتج الغاليوم عن طريق إعادة تدوير خردة التصنيع، في أب/أغسطس 2024، إن سعر الغاليوم المُباع خارج الصين كان أعلى بنسبة 30% إلى 40% من سعره في الصين، في النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالعام السابق.
قال تجار و محللون لوكالة رويترز، إن القيود في الصين أجبرت بعض اللاعبين الأضعف على الخروج من السوق.
قال تاجران صينيان للجرمانيوم لوكالة رويترز، إنهما تخليا عن الصادرات لأنهما لم يتمكنا من تأمين التراخيص إما لأن العملاء في الخارج غير راغبين في تقديم تفاصيل مُحددة عن المُستخدمين النهائيين أو لأنهم من الولايات المتحدة.
حتى قبل القيود الأخيرة التي فرضتها الصين على الولايات المتحدة، لم يتم شحن أي جرمانيوم أو غاليوم صيني إلى هناك هذا العام لغاية شهر تشرين أول/أكتوبر 2024، كما تظهر بيانات الصادارات الصينية، وخلال نفس الفترة في عام 2023، أحتلت الولايات المتحدة المرتبة الرابعة و الخامسة من حيث أكبر سوق تصدير للمعادن.
بالنسبة للمُستخدمين النهائيين، تؤكد القيود التي فرضتها الصين على أهمية تنويع الإمدادات.
قال ماكسيم پيكات Maxime Picat، كبير مسؤولي المُشتريات في شركة ستيلانتيس Stellantis، لصناعة السيارات، لوكالة رويترز:
“عندما تقوم بخفض المخاطر، فأنت بحاجة إلى خفض تلك المخاطر بإستخدام خيارات مختلفة، و إذا كنت شركة تقدم حلاً واحدًا، و موردي البطاريات لدينا جميعهم هم صينيون أو جميعهم كوريون، فأنت معرض للخطر”.






